الأربعاء، 29 فبراير 2012

فيما لا يخالف شرع المجلس العسكري .. وتعاليم الأمريكان!!



فيما لا يخالف شرع المجلس العسكري .. وتعاليم الأمريكان!!

من الأفضل أن نضع الأمور في نصابها الصحيح، فقد يمكن أن يبدو مشهد كلمة السيد إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس في غزة، ومن على منبر الجامع الأزهر، مشهدا جليلا بحق، يمكن أن تراه للوهلة الأولى أن جماعة الإخوان المسلمين صاحبة الأكثرية البرلمانية تقول للغرب وللعالم كله، أن مصر تحت حكم الإخوان، ستكون مختلفة عن حكمها من كنز إسرائيل الاستراتيجي المخلوع مبارك، لكنك إن امعنت النظر، فبكل تأكيد لن تكون الصورة بهذه المثالية!

فقيادات جماعة الاخوان الذين هتفوا للأقصى بجوار السيد هنية، هم أنفسهم الذين استدعوا وزير البترول المصري في البرلمان، لسؤاله عن أزمة أنابيب البوتجاز، دون أن يفتح أحد فمه عن استمرار تصدير الغاز لإسرائيل!، ولم يستخدموا أي حق برلماني في سحب الثقة من الوزير والحكومة التي تصدر الغاز للمعتدين على المسجد الأقصى، رغم أحكام القضاء القاطعة بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، والقصة هنا ليست كما يروج بعض الكاذبين أن اتفاقية تصدير الغاز اتفاقية دولية، وبالتالي ستلجأ إسرائيل إلى التحكيم الدولي، فالصفقة الفاسدة هي اتفاق تجاري بين شركتين، باعت الحكومة المصرية نصيبها في الغاز لشركة غاز شرق المتوسط، التي يمتلكها صديق المخلوع حسين سالم، وبسعر 75 سنت للمليون وحدة حرارية، ثم باعت هذه الشركة الغاز لإسرائيل بدولار و75 سنت للمليون وحدة حرارية، أما عن سعر التكلفة فهو 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية، ويباع في العالم بمتوسط سعر من 9 إلى 15 دولار للمليون وحدة حرارية، وهو الأمر الذي يسبب خسارة لمصر من 13 إلى 14 مليون دولار يوميا، في الوقت الذي جاء د. كمال الجنزوري رئيس حكومة "الإغراق" – التي أسموها زورا الانقاذ – ببيانه الهزيل ليؤكد أن هناك أزمة اقتصادية كبرى تمر بها مصر، ولم يذكر سيادته ولا نواب الإخوان – المدافعين عن الأقصى – الخسائر الكبرى التي تلحق بمصر بسبب تصدير حكومته الغاز للصهاينة!!

والحقيقة أنه بعد لقاء المرشد محمد بديع بالسفيرة الأمريكية، والتعهدات التي قدمت في الغرف المغلقة، بمحافظة الإخوان على سياسة مبارك الخارجية قدر الإمكان، وعدم الاقتراب من الخطوط الحمراء فيما يخص إسرائيل من تصدير الغاز واستمرار اتفاق الكويز، لم يعد من المعقول تصوير جماعة الإخوان باعتبارها أشد المدافعين عن الأقصى، فالمدافع عن الأقصى – إن كان صادقا – سينتفض رافضا تصدير الغاز واستمرار الكويز، وسيرفض بكل تأكيد الموقف الأمريكي المتخاذل والمتواطئ لصالح إسرائيل، لا أن يلتقي قياداته المسؤولين الأمريكان، وتتعانق الأيادي، كما فعل المرشد مع السفيرة الأمريكية، والدكتور الكتتاني مع جون كيري، وغيرهم الكثير!.

الأكثر إثارة للدهشة أن جماعة الإخوان، ومجلس مبارك العسكري، قد اعتبرا كل ما يمس الثورة عدوا وجب محاربته، وضح ذلك في الانتفاضة الإخوانية السلفية ضد النائب زياد العليمي، بسبب مقولته التي نعتبره أخطأ التعبير فيها، إلا أن خطأ زياد إذا تمت مقارنته بجرائم المجلس العسكري، في ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، ومسؤوليته السياسية عن مجزرة بورسعيد، وحمايته للمخلوع مبارك في إقامته الفندقية، ومعاملة السفاح حبيب العادلي وكأنه مازال وزيرا، وما ينقصه لحظة دخولة المحاكمة الهزلية هو فرش سجادة حمراء له كنجوم السينما، كل ذلك بالإضافة إلى كشوف العذرية وتعرية البنات، لم يستدع أي انتفاضة من الذين أقسموا ألا يخالفوا شرع الله!!، الأكثر إثارة للتعجب أن النائب مصطفى بكري – الذي كان يبكي على المخلوع بعد الخطاب الثاني على فضائية المحور، ويطالب المعتصمين إخلاء الميدان لنعطي فرصة للقائد الحكيم مبارك – حين اتهم الدكتور البرادعي بتحريض العملاء للتخريب والفوضى، وهو اتهام خطير يجب على النائب مصطفى بكري تقديم أدلته إلى النائب العام للتحقيق، أو أن يقدم هو إلى المحاكمة بتهمة السب والقذف!، رفضت الأغلبية البرلمانية الإخوانية والسلفية إحالة بكري إلى لجنة القيم إسوة بالعليمي، بل هرول نواب من حزب النور السلفي لمصطفى بكري لتهنئته بانتصارهم .سويا. على الثوار أعداء شرع الله!

بالتأكيد نتذكر أول جلسات البرلمان، والمناحة التي اجتاحت البرلمان بعد كلمة النائب أكرم الشاعر، والحديث المستمر عن حق الشهداء والقصاص، ثم فص ملح وذاب حسب تعبير المثل الشعبي المصري، فنفس الأغلبية البرلمانية الإخوانية والسلفية هي التي لم توافق إلى الآن على محاكمة المخلوع محاكمة ثورية خاصة، بتهم الخيانة العظمى والفساد السياسي، بل قبلت بالمهزلة الحالية المسماة محاكمة القرن، والتي يحاكم فيها المخلوع بتهم من نوعية سرقة فيلا، وقتل المتظاهرين في آخر 18 يوما من سنوات حكمه الكئيب، ونحن نقول لمجلس مبارك العسكري، وبرلمان الإخوان والسلفيين المسمى برلمان الثورة، أن مبارك ليس متهما بسرقة فيلا، بل متهم بسرقة بلد عبر 30 عاما سوداء، متهم بالخيانة العظمى للأمريكان والإسرائيليين الذي كان كنزهم الاستراتيجي، مبارك ليس متهما بقتل المتظاهرين في 18 يوما فقط، بل متهم بقتل المصريين غرقا في العبارات، وحرقا في القطارات، ومرضا بالمبيدات!

ليس البر أن تقسموا ألا تخالفوا شرع الله، ولكن البر أن تقيموا شرع الله بالعدل والحق والقصاص، لا أن يكون قسمكم الحقيقي فيما لا يخالف شرع المجلس العسكري، وتعاليم الأمريكان!! .. استقيموا يرحمكم الله!

الاثنين، 13 فبراير 2012

العسكر والإخوان .. وشباب الثورة


العسكر والإخوان .. وشباب الثورة

"يحكى أن .. كان ياما كان .. إن شبابنا .. عملوا ثورة .. كبالبركان .. جم العسكر .. نطوا عليها .. خزقوا عنيها .. راحوا اتحالفوا مع الإخوان! .. قالك نقطع إيد السارق .. قلنا نقطع إيد العسكر .. أصل العسكر سرقوا الثورة .. قالوا لأ إلا العسكر .. دولا حبايبنا وزي السكر!، هتاف ساخر ما أن أطلقه عمنا كمال خليل المناضل الثوري الرائع، حتى انتشر بصورة واسعة، وأصبح يطلب من عمنا كمال تكراره في كل مظاهرة تقريبا، فقد عبر عما يدور في عقول شباب الثورة بكلمات قليلة وبسيطة، لكنها عميقة لأبعد الحدود.

فلا أحد عاقل في هذا البلد يمكنه إنكار تفاهما عقد بليل بين المجلس العسكري والإخوان، وأن ترتيبات تجري بينهما في غرف مغلقة، وتسويات لمستقبل الوطن من تحت طاولة مفاوضات، والتفاهمات بين الإخوان والدولة لم تجر منذ 11 فبراير 2011م، وهو اليوم الذي انتقلت فيه سلطة المخلوع "بالتكليف" لمجلسه العسكري، لكن الأمر أسبق من ذلك، فطاولة مفاوضات قد نصبت بين عمر سليمان مدير المخابرات ونائب رئيس الجمهورية السابق وبين الإخوان المسلمين، وفي مقر رئاسة الوزراء، وكانت صورة مبارك تغطي خلفية حجرة الاجتماعات تلك، جلس عمر سليمان على رأس المائدة، والدكتور الكتتاتني على اليسار، بينما كان ميدان التحرير وقتها يهتف "لا تفاوض قبل رحيل .. لا تفاوض مع عميل"! .. لم يكن وقتها يقدر أحد – في ظل سخونة وحيوية مشهد الميدان – أن يطرح داخل الميدان فكرة ترك مبارك يكمل مدته، وحين انتصرت الثورة في أول جولة، وأسقطت رأس النظام، تم استخدام الإخوان من قبل المجلس العسكري كمفرغة صواعق الثورة، وامتصاص سخونتها وإطفاء الوهج الثوري، ومشينا في طريق إصلاحي بتعديلات على دستور ساقط، ثم تم إلغاء نتائج الاستفتاء بإعلان دستوري لم يستفتينا فيه أحدا، ومشينا في عك سياسي بخلفية عسكرية، وعك انتخابي بطبيعة دينية، وقانون الانتخابات الحالي يحظر الدعاية على أساس ديني، في الوقت الذي لم نجد دعاية على أساس غير ديني في الانتخابات الأخيرة!، فجاء برلمان ما بعد الثورة، معبرا عن أزمة مجتمع يعاني الفقر والبؤس، وشباب الثورة الذين صمدوا أمام كل ألاعيب مبارك، وجدوا أنفسهم كالتائهين في مولد السياسة الاحترافية، أصبحوا كالأيتام يوم العيد، فالجميع يحتفل وهم لا يشعرون بطعم للسعادة، وإحساس المرارة عالق في الحلق لا يزول، فقد جرت عملية تشويه ممنهجة لهؤلاء الشباب الطاهر، وإزاحة متعمدة من أي مكان في ترتيبات الفترة الانتقالية، وتولى زمام الأمر في هذه الفترة المجلس العسكري الذي كلفه مبارك، والإخوان الذين رفضوا الاشتراك يوم 25 يناير ولم يلحقوا بالثورة إلا في 28 يناير مع قرب هزيمة شرطة المخلوع، وبعد أن ظهرت المكاسب قطوفها دانية، ومن المعلوم أن الإخوان لهم تاريخ نضالي لا ينكره أحد، إلا أنهم بحسابات معينة لم يجرءوا أن يتظاهروا ضد مبارك ولا مرة واحدة، في الوقت الذي كانت حركات من نوعية كفاية و 6 إبريل وشباب من أجل العدالة والحرية و الاشتراكيين الثوريين هتافهم الرئيسي في جميع المظاهرات التي كان يقمعها الأمن "يسقط يسقط حسني مبارك"!، وما أذكره عن المظاهرات المشتركة بين حركة كفاية وشباب الإخوان المسلمين أنني حين كنت أهتف يسقط يسقط حسني مبارك، كان شباب الإخوان يضعون أيديهم لتكميم فمي بالقوة!

على أي حال يعلم الجميع أن المجلس العسكري الآن هو الخصم المباشر للشباب الذي خرج يوم 25 يناير 2011، وهم نفس الشباب وأكثر خرجوا يوم 25 يناير 2012 بشعار يسقط يسقط حكم العسكر، والإخوان لم يعاديهم هذا الشباب إلا بعد أن تحولوا بشكل واضح إلى الظهير السياسي للمجلس العسكري، يدافعون عنه دفاع الراعي عن مراعيه، ويهاجمون منتقديه هجوما ضاريا، وصل إلى اتهامهم بالعمالة والتخريب والسعي لإسقاط الدولة، وهي نفس اتهامات أمن دولة مبارك سابقا، بل وصل الأمر أن يتم تصديق دعاوي وزير الداخلية في الأحداث الأخيرة داخل البرلمان، بأن الشرطة لم تستخدم الخرطوش، بينما كان نقيب أطباء مصر د. خيري عبد الدايم مصاب بخرطوش الداخلية، وكذلك مراسل قناة النيل للأخبار محمود العزالي الذي فقد عينه اليمنى بطلقة خرطوش، والناشطة سلمى سعيد التي أصيبت بعشرات الطلقات بمختلف أنحاء جسدها، ووصل الأمر أن يرفع نائب برلماني هو محمد أبو حامد فوارغ الخرطوش في المجلس، فيتم اتهامه بالفسوق، ويجري أحد النواب عليه محاولا خطف فوارغ الطلقات منه!، ثم يدين تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس الأمن، ويتهمه بالتقصير في تأمين استاد بورسعيد، دون أي إجراء عملي بسحب الثقة من وزير الداخلية مثلا، والمنطق يقول أن الحكومة بأكملها مسؤولة مسؤولية سياسية واضحة عن الأحداث، وليس بمنطق التقصير فقط، بل بالتواطؤ والتآمر.

كل ذلك وينكر الإخوان أن هناك صفقة بينهم وبين المجلس العسكري، ونحن نقول لهم حسنا فلتثبتوا ذلك للشعب وكذبونا، ونتمنى أن نكون مخطئين، فلتصدروا قانونا بمحاكمة خاصة للمخلوع بتهم الخيانة العظمى والفساد السياسي، والزموا وزير الداخلية بمعاملة المخلوع كأي سجين عادي بدلا من إقامته الفندقية المستفزة لمشاعر الشعب بالمركز الطبي العالمي، ولتسحبوا الثقة من الحكومة العاجزة عن تأمين استاد فكيف لها أن تؤمن بلدا؟!، ولتزموا وزير البترول بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، افعلوا ذلك إن كنتم صادقين!