الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

معنى "إسقاط النظام"

معنى "إسقاط النظام"

في مساء 28 يناير 2011م، تصاعدت دراما الأحداث إلى أقصى درجات السخونة، كنت مع مجموعة من خيرة شباب الثورة، معتقلين بمعسكر للأمن المركزي بالجبل الأحمر، ومع التصاعد المعروف في مجريات الأمور جرى الإفراج عنا بصورة مرتبكة للغاية، وبدا الانهيار واضحا على ضابط أمن الدولة الذي قابلنا متعجرفا حين جئنا في صباح 26 يناير، أدركت لحظتها أن المشهد خارج الأسوار قد وصل إلى مرحلة اللاعودة مع النظام، وتذكرت هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي سطع طوال ليل 25 يناير في ميدان التحرير!

خرجنا في سيارة الترحيلات، وكان ليل القاهرة على غير عادته ساكنا، والصورة في الأفق تبدو في سكون ما بعد عاصفة، وهدوء ما قبل إعصار، وبوسائل مواصلات مختلفة – لا داعي لذكر تفاصيلها الآن – وصلنا إلى ميدان رمسيس، ومنه مشيا إلى ميدان التحرير، لم يشغل بالي وقتها أني لم أذق طعم النوم منذ 25 يناير، ولا إرهاق جسدي النحيل الذي أضعفه برد الشتاء حين كنا نفترش البلاط في معسكر الاعتقال، ولا جاء على بالي كذلك أهلي الذين لم يعرفوا طريقا لي منذ اختفائي في ظروف ملتبسة يوم 26 يناير، عرفوا بعدها من زملاء لي أني قد تم اعتقالي، كل ما خطر على بالي وقتها .. ما هي الخطوة التالية؟!
 
في صباح 29 يناير كان ميدان التحرير على موعد مع القدر، فدماء الشهداء التي سالت على أرضه، والأراضي المجاورة له، اختزنت الألم والغضب، وكان الثأر ينادي وجداننا، والأمل يدفعنا دفعا لأمر واحد من اثنين، لا ثالث لهما، النصر أو الشهادة، وقفت أهتف مناديا بسقوط النظام، ولأول مرة ترد آهات المصريين، فتهز المكان، بعد أن اعتدنا سابقا على مظاهرات تجمع "نشطاء سياسيين"، وكثيرا ما راودنا الأمل في تحرك الجماهير، إنها الجماهير تلبي النداء، وأذن في الناس، صدقت يا رب العزة، لقد أذنا حتى تعب صوتنا، واعتقدنا أنه ذهب هدرا، لكن صداه ارتد فهز الجبال، وهزم البارود، وقنابل الغاز، وحطم قيود الخوف، وأغلال ثلاثين عاما سوداء في تاريخ البلاد، كنت أختم كل مجموعة هتافات بهتاف الشعب يريد إسقاط النظام .. وهنا اتضح لي لأول مرة أن الثوار ليس وحدهم في الميدان، فقد ظهرت مجموعة في كل مرة أهتف فيها الشعب يريد إسقاط "النظام"، تصر على تحويل الهتاف إلى الشعب يريد إسقاط "الرئيس"! .. كانت تلك المجموعة ليس صعبا بالنسبة لي أن أشتم منها رائحة صنع في الداخلية!، فكثيرا ما ميزت ذلك النوع من البشر الذي يعمل لحساب جهاز الأمن، ولحظتها توقفت عن الهتاف قائلا :" نحن لا نريد إسقاط الرئيس .. نحن نريد إسقاط النظام بأكمله .. النظام يعني الرئيس وكل سياساته" .. واتضحت عبقرية الشعب المصري حين قام بعد ذلك بنفسه وبدون تدخل مني أو من غيري من النشطاء، بإسكات كل من يهتف الشعب يريد إسقاط الرئيس .. ليتحول الشعار المركزي إلى الشعب يريد إسقاط النظام.

النظام .أي نظام. هو أشخاص، ومؤسسات، واختيارات سياسية واقتصادية، وحين قامت الثورة، وانتصرت في المشهد الأول من الفصل الأول، أسقطت بعض الأشخاص، وبتعب أكثر ومليونيات، ومناهدة وطلوع روح، أسقطت أشخاص أكثر، وبعض المؤسسات، لكنها حتى الآن لم تتمكن من إسقاط اختيارات نظام مبارك السياسية والاقتصادية، وهذه هي أكبر مشكلة!

الثورة .أي ثورة. هي تغيير جذري، سياسي، وإقتصادي، وإجتماعي، ومقاطعة كافة الاختيارات السياسية والاقتصادية التي قامت ضدها هذه الثورة، وهنا يطرح البعض سؤالا مهما .. هل كان المجلس العسكري قبل 25 يناير جزءا من نظام مبارك السياسي الذي قامت الثورة ضده؟! .. والإجابة تحتاج إلى تأني، فالجنرالات أعضاء المجلس العسكري لم يمارسوا العمل السياسي قبل 25 يناير، لانضباط المؤسسة العسكرية، وابتعادها عن العمل السياسي وتحزباته، لكن – وهذه هي المشكلة الأخطر – أنه حين أصبح للجنرالات دور سياسي مطلوب، بحكم إدارتهم للبلاد، اختاروا وبمحض إرادتهم نفس الاختيارات السياسية والاقتصادية، التي قامت الثورة ضدها، وبالتالي تحولوا وبغباء شديد إلى امتداد لنظام ثار المصريون لإسقاطه!

نظر الجنرالات لحقوق المصريين الطبيعية، على أنها مطالب "فئوية"، ونسوا أو تناسوا، أن عدم الإحساس بالعدالة في توزيع الثروة هو أصل المشكلة، وتعامل الجنرالات مع تلك المطالب بغض الطرف، ثم الدعاية ضدها، تحت دعاوي كاذبة هي تعطيل عجلة الإنتاج، ثم بالعنف ذاته الذي انتهى به مبارك  حين قرر مواجهة الشعب!، سيقول بعض الجنرالات، وبعض المنافقين، أن الاقتصاد لا يسمح، ونقول لهم حتى الآن الفارق الكبير بين الأجور هو المشكلة، لا تدعموا الكبراء، وانحازوا للفقراء، نعلم أن الحد الأدنى للأجور يحتاج لموارد، ولكن نعلم أيضا أن الحد الأقصى يحتاج لقرار، ويوفر موارد!

اعتبر الجنرالات أن نقدهم قلة أدب، وأن الخروج عن طاعتهم المطلقة، جريمة تستحق العقاب في النيابة العسكرية، وانتهت أكذوبة حرية الإعلام بعد الثورة .التي لم تنتهي بعد. فالحرية المقصودة، هي الحرية على مقاس الجنرالات، فرأينا إعلام هيكل هو إعلام الفقي وصفوت الشريف، ورأينا مصادرة جرائد صوت الأمة وروز اليوسف، والتهديد بمصادرة الفجر، ورأينا منع حلقة الإعلامي المتميز والمحترم يسري فودة، للتعليق على ما قاله الجنرالات في حوار تليفزيوني، واعتقل الجنرالات الناشط علي الحلبي لأنه كتب على الجدران ما أغضب المجلس العسكري، وهي نفس النهاية التي وصل إليها المخلوع، لا يريد سماع سوى صوته، ولا يرى سوا رأيه، وكل ما في باله عن الشعب، عبارة خليهم يتسلوا! .. أما المجلس العسكري فقد منع حتى تلك التسلية!

حين كان على المجلس العسكري أن يختار طريقا، يمثل انحيازا سياسيا واقتصاديا، اختار طريق المخلوع، ومشى على خطاه،بالحرف والفاصلة والنقطة، عادى الثوار، واحتضن الفجار، رعى الفلول، وجعلهم هم الأصول،  فتحول المجلس العسكري إلى امتداد طبيعي لنظام مبارك المراد إسقاطه، وبدلا من أن ينفذ تعهده بحماية الثورة، وتنفيذ مطالبها المشروعة، تحول عن عمد إلى مجلس لقيادة الثورة .. المضادة!  .. الشعب – ما زال – يريد إسقاط النظام.

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

كارت أحمر للمجلس العسكري



كارت أحمر للمجلس العسكري

هذا هو الوقت المناسب من وجهة نظري لرفع الكارت الأحمر، قد يراه البعض متأخرا، فأقول لهم، المهم أنه جاء، وقد يراه البعض متعجلا فأقول لهم، هذه رؤيتي، قد أصيب وقد أخطئ، وقد يرى البعض أن المجلس حمى الثورة، ويقود البلاد لمصلحة شعبها، فلا أقول لهم إلا سلاما، عملا بالآية الكريمة، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا .. سلاما!

القصة ليست انفعالا، ليس لأن الشهيد مينا دانيا كان صديقا عزيزا على قلبي، وليس لأني رأيت بأم عيني متظاهرين سلميين، .نعم سلميين. يطلق عليهم الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي، ويدهسون تحت مدرعات المجلس العسكري، القصة أكبر من ذلك بكثير، حقيقة الأمر أن بقاء هذا المجلس - مجلس قيادة الثورة المضادة - في سدة الحكم قد يؤدي إلى انهيار البلاد، وهو ما لا نرجوه، وسنفتدي البلاد بأرواحنا إن حاول المجلس وإعلامه الكاذب المضلل أن يأخذنا إليه.

لقد كنت بجوار رمسيس هيلتون، بينما نهتف مسلمين وأقباط، في مظاهرة سلمية، وقنابل الغاز فوق رؤوسنا، وخطر على بالي أن أرى ماذا يقول إعلام النظام عنا، الحمد لله لدي في جهاز تليفوني المحمول إماكنية فتح التلفزيون المصري، كنا نجري ونحمي بعضنا بعضا من صوت الرصاص وقنابل الغاز، بينما كان التلفزيون المصري يؤكد وفاة 3 جنود من الجيش على يد مسلحين أقباطّ!!، أبحث حولي عن أي مسلح، فلا أجد سوى مدرعات تدهس المواطنين، ورصاص وقنابل غاز!!

مارس الإعلام المصري –كعادته- هوايته المفضلة في الكذب الحصري على التلفزيون المصري، كل ذلك بالطبع برعاية المجلس العسكري الذي لم تكن لديه مشكلة أن تقوم فتنة قد تعصف بالبلاد، من أجل تحقيق أهدافه، في فرض إرادته بالقوة المسلحة، بعد أن فقد كل شرعية، شرعية الثورة التي منحتها له أثناء هتافات الجيش والشعب إيد واحدة، وهو الهتاف الذي لم يعد يهتفه اليوم سوى البلطجية المأجورين له، بينما يهتف التحرير كل جمعة، الشعب يريد إسقاط المشير!، وفقد المجلس كذلك شرعية الإعلان الدستوري الذي زور نتيجة الاستفتاء على تعديل مواد في الدستور، فغير المجلس ما استفتينا عليه، وأضاف وحذف، وأهدر دم الإرادة الشعبية، ثم جاء الابن الحرام لتلك الفعلة النكراء، الإعلان الدستوري فاخترقه المجلس العسكري أيضا، مر ال 6 أشهر، وبقيت الطوارئ، وبقى هو ذاته –المجلس- مخالفا ما قطعه على نفسه، بأنه لن يستمر أكثر من 6 أشهر.

وفي كشف الحساب، قاد المجلس العسكري البلاد نحو الفوضى، بالعمد، وانعقاد النية، فالبلطجية على مرأى ومسمع منه، ولو أراد لقام بتطيهر حقيقي للداخلية، بأجهزتها، وتنظيمها السري الذي يقود البلطجية إلى الآن، بينما تفرغ المجلس العسكري للقبض على النشطاء، وتحويلهم لمحاكمات عسكرية، تفرغ المجلس العسكري لفض الاعتصامات، بالعصا المكهربة، في كلية الإعلام، وفي ميدان التحرير 9 مارس، وفي ميدان التحرير فجر 9 إبريل، وهذه المرة كان بالرصاص الحي، وفي 15 مايو و 9 سبتمبر أمام السفارة الصهيونية، وأجرت شرطته العسكرية كشف العذرية على الفتيات المعتصمات، وفرمت أجهزته السيادية عددا لجريدة صوت الأمة، وصادرت عددا لروز اليوسف، ووصل الأمر إلى اقتحام قناة الحرة وقناة 25 على الهواء مباشرة أثناء التغطية!!

وحين تم استدعاء المشير طنطاوي للشهادة في محاكمة المخلوع، كانت شهادة شاهد مشافش حاجة، وجاءت الإجابات هي إجابة واحدة تقريبا، "ليس لدي معلومات"، ونحن الآن في محكمة الشعب نسأل المشير، من أمر مدرعات الجيش دهس المتظاهرين يا سيادة المشير؟!، هل لديك معلومات هذه المرة؟!، من أمر أسامة هيكل وزير إعلامك بالكذب والتضليل وإثارة الفتنة والتحريض؟!، هل من معلومات أيضا؟!، وسيادة اللواء إسماعيل عتمان مدير إدارة الشؤون المعنوية حين أشاد بتغطية التلفزيون المصري، هل كان يشيد بدوره شخصيا؟!، طبعا من يشهد لوزير إعلام في عصر مجلس عسكري، غير مدير الشؤون المعنوية في المجلس؟!!

لقد رفعنا في جمعة 8 يوليو الكارت الأحمر لحكومة شرف، والكارت الأصفر للمجلس العسكري، وأجد اليوم رفع الكارت الأحمر للمجلس العسكري واجب وطني، فالهجوم على حكومة شرف، كمن كان قبل الثورة يمارس دور المعارضة المستأنسة المأجورة ويهاجم حكومة نظيف، ويصمت عن رأس الحية، بينما كانت الحكومة، ولا تزال، مجرد سكرتارية عند رئيس الجمهورية، وهو اليوم المجلس العسكري، فهو من عين الحكومة، وهو من يملك إقالتها، هو من يوجه سياستها .. المجلس هو المسؤول .. المجلس هو المسؤول .. المجلس هو المسؤول!

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

طريق التحرير .. وطريق المشير!



طريق التحرير .. وطريق المشير!

طريقان لا يلتقيان، ومعنيان لا يتفقان، طريق يأخذنا للأمل، وطريق نهايته الألم، طريق للعدل، والكرامة، وعزة النفس، وطريق للإحباط، والفشل، واليأس، طريق الناس، وطريق الحراس، طريق الثورة، وطريق الثورة المضادة .. حتما لا يلتقيان، وأخشى أن أقول كذلك، طريق التحرير، وطريق المشير!

المشكلة الحقيقية التي نعاني منها، أن الثورة ليست لديها أداة تنفيذية، تحقق بها أهدافها، بسبب أزمة فراغ القيادة، وجاء المجلس العسكري، قدرا، أو تخطيطا – الله أعلم – وتصدر المشهد، في لحظة من أعقد لحظات التاريخ، فنظر المجلس للثورة باعتبارها مشكلة، وهو في مهمة "عسكرية" لإنهاء هذه المشكلة، والثورة طبعا ليست كذلك، الثورة –أي ثورة- تغيير جذري، سياسي واقتصادي واجتماعي، كان هذا هو طريق التحرير، بينما كان للمجلس والمشير طريق آخر!

الثورة كما قلنا سابقا، جاءت لتكون حلا لثلاث مشكلات، -أولا- تحقيق ديمقراطية حقيقية، كحل لمشكلة الاستبداد، -ثانيا- تحقيق عدالة اجتماعية، كحل لمشكلة الفساد، واحتكار "شلة" لأغلب الثورة القومية بينما يقع أغلب المصريين تحت خط الفقر، -ثالثا- استقلال القرار الوطني سياسيا واقتصاديا، كحل لمشكلة التبعية، ورهن الإرادة المصرية للأمريكيين والإسرائليين، هذا هو طريق التحرير، ببساطة ووضوح، فماذا كان طريق المشير؟!

في الديمقراطية، أرادوا لنا ديمقراطية شكلية، كأن يهاجم الإعلام الرسمي مبارك –وهو خارج السلطة- بينما الاختلاف مع المجلس العسكري، القائم بأعمال الرئيس، يعد من المحرمات، ويهدد من يفعل ذلك بالويل والثبور وعظائم الأمور، و يعتبر خائنا للوطن، قانون الطوارئ قد عاد، والأمن الوطني هو أمن الدولة، وقوانين الانتخابات تلعب لحساب الفلول، والشفافية في محاكمة المخلوع منعدمة، فالشرائط تمسح، والسجلات تختفي!، والصحافة تضرب، بمصادرة عدد لصوت الأمة وفرمه، ثم الضغوط لمصادرة عدد للفجر، ومصادرة عدد لروز اليوسف، واقتحام مكتب الجزيرة، والمدنيين يحاكموا أمام القضاء العسكري، ومبارك في المركز الطبي العالمي!

وفي العدالة الاجتماعية، جرى إطلاق الأبواق الكاذبة، عن احتجاجات المصريين الذين يعانون أسوأ الاوضاع، واعتبر كل مطالبة بحق في الحياة، ضرب للاستقرار، وتعطيل لعجلة الانتاج!، على الرغم من أن عجلة الانتاج تلك يسيطر على عائدها حتى الآن مجموعة من اللصوص، امتصوا ثروات البلد، فقبل أن تطالبوا الشعب بزيادة انتاجه، عليكم أن تشعروه بالعدالة في توزيع الثروة، بحد أدنى للأجور، وحد أقصى للأجور، كفى هراءا أنه لا يوجد موارد، الموارد هي أموال اللصوص وأراضيهم، التي امتصوها من دماء الشعب، في تشكيل عصابي كان يحكمنا، وأظن أنه لا زال، صادروا أموال الفاسدين بإجراءات ثورية، فهذه أموال الشعب، وسترد إلى الشعب، إفرضوا حد أقصى يوفر موارد الموازنة، انحازوا للفقراء، وليس للكبراء، انحازوا لأصحاب الفتات، لا للميارديرات!

وفي الاستقلال الوطني، اختفى صباع اللواء الفنجري، ولهجته المرعبة، حينما قتل الكيان الصهيوني 6 من جنودنا على الحدود، صدر البيان الرسمي، يعبر عن أقل من الحد الأدنى من طموحات الثوار، لكن جرى سحب البيان، على طريقة "خلاص تنزل المرة دي"!!، مسودة، قالوا عنه مسودة، سود الله وجوهكم جميعا، فضحتونا، في واقعة دبلوماسية لم تحدث في التاريخ!،  وحين قبضوا على جاسوس إسرائيلي، أو هكذا قالوا، بمجرد تدخل الأمريكان، لم يستطيعوا أن يقولوا لا، فجاءت التسريبات الصحفية، مصر تبحث الإفراج عن الجاسوس مقابل مساعدات مالية، على طريقة تديني فلوس، أسيب الجاسوس!

خلاصة الكلام، يسير المشير عكس طريق التحرير، ليس ذلك فقط، بل يسير هو وكل أعضاء المجلس، على خط المخلوع، بالحرف والفاصلة والنقطة، وحين قرر المشير أن يقترب من الشعب، لم يجد إلا مستشاري مبارك فيما يبدو، فجرى تصويره أثناء زيارته لمصانع في الفيوم والمنيا، بنفس الإخراج المباركي، وتغطية الصحافة الرسمية للزيارة، كانت نسخة طبق الأصل من تغطيتها لزيارات المخلوع، فجاءت الزيارة بنتيجة عكسية، إذ ارتبط في وعي الشعب الجمعي، أن المشير هو مبارك، على طريقة أحمد زي الحاج أحمد!، وشعر الثوار بالخطر، بعد شهادة المشير في المحكمة، فكان الهتاف الأشهر في جمعة استرداد الثورة "يا مصري انزل من دارك .. المشير هو مبارك"!