الأحد، 24 مايو 2009

وهم التغيير المستورد (2-3)

وهم التغيير المستورد (2-3)


المقال الثاني: من التبعية إلى الاستعمار!!

لا شك أن المصالح الأمريكية في المنطقة بشكل عام وفي مصر بشكل خاص تحتم عليها أن تعمل وفق أجندة وخطط واستراتيجيات بعيدة المدى، ومن حسن حظنا أن القانون الأمريكي يتيح ظهور الوثائق السرية – في غالبها – بعد فترة معينة من تاريخ إصدارها، ومن خيبتنا "الثقيلة" أننا لم نتعلم أبدا من تلك الخطط والتي مازال يـُنـَفذ أجزاء منها بحذافيرها حتى الآن!
يروي الأستاذ محمد حسنين هيكل في المقالات الستة الشهيرة التي كتبها تحت عنوان رسائل مفتوحة للرئيس مبارك والمنشورة في جريدة المصري اليوم يناير 2008م الوقائع والظروف التي تم بها اختيار قائد سلاح الطيران حسني مبارك ليكون نائبا للرئيس السادات في عام 1975م، القصة طويلة ولكني توقفت أمام نقاط بعينها مذهولا مما كان – وبالتأكيد ما زال – يرتب لنا في ليل بينما كنا نائمون وربما أيضا مازلنا!!
كان الخلاف قد احتدم بين كلا من عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء وممدوح سالم نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في ربيع عام 1975م وزادت في تلك الفترة المظاهرات والاضطرابات الداخلية مما جعل الرئيس السادات يركز على الطابع الأمني للنظام، فاختار ممدوح سالم لمنصب رئيس الوزراء، أما بخصوص منصب نائب الرئيس فيروي الأستاذ هيكل في مقاله أن الرئسي قال له نصا "محمد .. لا تنسى الدور الخاص لسلاح الطيران نحن مقبلون على أوقات صعبة ومن يضمن الطيران يستطيع أن يواجه أي احتمالات في البلد"
وكان هذا مبرر السادات لاختياره مبارك نائبا له في 15 ابريل 1975م، لكن القصة لا تنتهي هنا، فحين بدأ الأستاذ محمد حسنين هيكل كتابة كتابه عن الثورة الإيرانية طلب من الإيرانيين أن يسمحوا له بالاطلاع على الوثائق السرية للشاه ولبى له طلبه، فوجد هناك وثيقة من محفوظات القصر كانت عبارة عن مذكرة أمريكية مقدمة لشاه إيران بما يجب أن يفعله بعد القضاء على ثورة مصدق، وكان أحد بنودها يقول "فإن الشاه عليه أن يولي اهتماما خاصا بسلاح الطيران بالذات لأنه يملك محدودية الأفراد ولا محدودية النيران وبالسيطرة على الطيران يستطيع الشاه ضرب أي تمرد ضده حتى إذا جاء من الجيش"
ومن الجدير بالذكر أن الشاه قد جاء إلى القاهرة في زيارة بنفس العام 1975 وفي شهر يناير، وهو ما دفع الأستاذ هيكل في مقاله موجها حديثه للرئيس مبارك أن يكرر جملة "لقد أرادوك لهم "، نستنتج مما سبق أن اختيار محمد حسني مبارك نائبا لرئيس الجمهورية "ربما" جاء بنصيحة أمريكية!!
استلم الرئيس الجديد عام 1981م مقاليد الحكم لدولة مرمية في أحضان أمريكا، تدور في فلكها، تابعة بالكامل للسياسات الأمريكية في المنطقة، وكان سلفه قد قدم الكثير والكثير من التنازلات وما على الرئيس الجديد وقتها هو الالتزام بالاستمرار في تقديم نفس التنازلات فالفاتورة مسددة بأكثر من قيمتها!!
كانت طريقة الصدمة التي كان يتبعها السادات أثبتت من وجهة نظر مبارك فشلها، فاعتمد بطبيعته على أسلوب الاستقرار لدرجة الجمود وعدم المفاجأة كل شئ يمكن أن يحدث بالتدريج دون "شوشرة" فلا حاجة إلى كلمات من نوعية "صديقي بيجن" ولكن إذا أراد أي بيجن أي شئ فلابد من فعله!!
وقع الرئيس حسني مبارك في أول اختبار حقيقي أثناء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982م حيث كانت المقاومة الفلسطينية تتمركز هناك وتقوم بعمليات تؤرق الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بتلك العملية الشرسة للتخلص من المقاومة الفلسطينية الباسلة وأسفر العدوان عن سقوط أكثر من عشرين ألف قتيل وما يزيد عن مئة ألف جريح إلى جانب الدمار الذي أصاب القرى والمدن وبخاصة بيروت التي صمدت أمام العدوان مدة ثلاثه أشهر، وكان موقف مبارك هو الصمت فالتزم بمعاهدة السلام التي وقعها سلفه وبالتالي سقطت اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ونتيجة لهذه الحرب وعن طريق المفاوضات الغير مباشرة تم إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان إلى تونس لتصبح بعيدة عن الصراع بعدما أصبحت مصر هي الأخرى نتيجة لكامب ديفيد بعيدة عنه.
ثم جاءت التسعينات في بدايتها تحديدا 16 يناير 1991م تحمل رياح الأزمة الكبرى التي شقت الصف العربي بقوة وأدخلت القوات الأميريكية المنطقة في الحرب التي أطلق عليها "تحرير الكويت" بعد احتلال العراق لها، ووقفت مصر في موقف مؤيد للحرب واشتركت بالفعل بجوار القوات العسكرية الأمريكية في عملية ثعلب الصحراء بجنود يتراوح عددها بين 33600و35000 .
اقتصاديا في بداية التسعينات أيضا بدت الدولة المصرية عاجزة عن سداد التزاماتها من الديون واستمر معدل النمو منخفضا بشدة حيث لم يتجاوز 1.8% حتى عام 1992م وهو الأمر الذي تسبب بتدخل البنك الدولي بقوة في السياسة الاقتصادية المصرية وأخذ النظام على عاتقه تنفيذ توصيات البنك الدولي بحذافيرها ومنها مثلا أنه على مصر الانخفاض في زراعة القمح والقطن والتوسع في استيرادهما والتوسع في زراعة المحاصيل القابلة للتصدير مثل الكانتلوب والفراولة!!
ومن توجيهات البنك الدولي أيضا عرض مشروعات القطاع العام للخصخصة وهو الأمر الذي تم دون تفرقة بين الناجح والمتعثر وفي وقت ضيق بحيث لا تتوفر للأفراد والقطاع الخاص المصري السيولة الكافية للشراء فتم البيع في الغالب لأجانب ليعود الاقتصاد في أيديهم مرة أخرى بعد تحريره بمشروعات التأميم.
كل ما سبق ذكره من تنازلات جديدة كانت ربما أقل مما قدمه السادات إلا أن عام 2003م حمل في طياته النهاية لأي شرعية شعبية تبقت لنظام مبارك حين فتح قناة السويس للطائرات الأمريكية التي كانت ذاهبة لعملية احتلال العراق .. خرجت المظاهرات الشهيرة في 20 و21 مارس2003 لتعلن غضبها من تبعية هذا النظام الكاملة لأمريكا في أكبر مظاهرات ضد مبارك شخصيا منذ توليه مقاليد الحكم،هنا كان النظام قد فقد كل الشرعية الشعبية وأصبح مكروها لدرجة لا تتيح له إلا إلى الارتكان أكثر وأكثر في أحضان التبعية الأمريكية التي تحولت بعدها إلى استعمار أمريكي حقيقي.
اقترب التجديد الخامس للرئيس وسط ضغوط شعبية قوية رافضة له، وضغوط أمريكية مطالبة بالديمقراطية وملوحة بالشرق الأوسط الجديد ، فقدم مبارك كل التنازلات المطلوبة و"المتأخرة" مثل اتفاقية الكويز التي تفرض تطبيعا اقتصاديا مع "إسرائيل" والإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام وإعادة السفير المصري لتل أبيب وإرسال سفيرا مصريا للعراق تحت الاحتلال لكنه قتل فيما بعد والموافقة على تصدير الغاز المصري لإسرائيل بسعر أقل من سعر تكلفته وهو ما دفع شركة الكهرباء الإسرائيلية تخفيض الأسعار عن مشتركيها!!
ويشير تقرير الكونجرس في عام 2006 حول المعونة الأمريكية لتوصيات بعدم تخفيض المعونة كثيرا لأن مبارك يخدم أمريكا بأكثر مما يخدمها أي رجل آخر وأنه سمح بعبور مقاتلات أمريكية ذاهبة لأفغانستان والعراق وأعطى الأذون بطلعات طيران أمريكي مقاتل بلغ عددها 36553 عبر الأجواء المصرية بين عامي 2001م و 2005م وأنه سمح بعبور 861 سفينة وبارجة حربية أمريكية "بعضها ذري" بقناة السويس في نفس الفترة!!
ثم جاءت أزمة غزة الأخيرة فقام مبارك بدعم المجهود الحربي الإسرائيلي ضد أهلنا في غزة بالحصار الذي ساهم فيه بالتعاون مع الصهاينة كل من معبره فهو يحاصر من رفح وحلفاؤه الصهاينة من كرم أبو سالم!!
وصمت على اختراق الطيران الإسرائيلي المتكرر للأجواء المصرية وقذف الشريط الحدودي وهو الأمر الذي يعد حنث باليمين الدستوري الذي يقسمه بأنه سيحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه!!
والآن يقوم بكل طاقته في الضغط على قادة المقاومة لإلقاء السلاح والاعتراف بإسرائيل والتنازل عن بقية الأرض المحتلة عام 1948م والقبول بحدود 1967م على الورق فقط" فما زالت إسرائيل تحتل الضفة الغربية وتتوغل بها على الرغم من اتفاق اوسلو" والتنازل عن حق العودة!
هذا ما فعله مبارك، تحولت مصر في عهده إلى مستعمرة أمريكية وتداس السيادة المصرية يوميا باختراق الطيران الإسرائيلي للشريط الحدودي.
ولكن بعد مظاهرات 2003 ومظاهرات 6 ابريل 2008م التي أسقطت فيها صور مبارك أمام شاشات التلفاز وضح جليا للأمريكان أن رجلهم في مصر لم يعد يمكن الاعتماد عليه بأكثر من ذلك فقد قدم كل شئ ولم يعد مقبولا شعبيا بالمرة والبلاد أصبحت راقدة على فوهة بركان من الغضب السياسي والاجتماعي يمكن أن ينفجر في أي لحظة لذلك كما يبحث المصريون عن البديل يبحث الأمريكان أيضا عنه وحذاري أن ننخدع ببدائل الأمريكان فهي دائما لمصالحهم قبل أي شئ.
ولأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تترك شيئا من قبيل المصادفة فإنها ترتب كل شئ بدقة متناهية وتترك الأطراف التقليدية تتصارع على رقعة الشطرنج الكبيرة بصورة تبدو تلقائية بينما تحتفظ لنفسها دائما بالقدرة على تحريك "معظم" القطع من الجهتين!!


وللحديث بقية

الاثنين، 18 مايو 2009

وهم التغيير المستورد (1-3)

وهم التغيير المستورد (1-3)



أولا: أحضان أمريكا!!

لا شك أن كل التقديرات المنطقية والتي قـُتلت بحثا ً تؤكد أن مصر بحاجة إلى تغيير شامل للأوضاع المتفاقمة منذ أكثر من ربع قرن، ولا شك أن طريق هذا التغيير المنشود يجب أن يكون واضحا جليا لنا حتى لا نضل ونسلك طرقا غير صحيحة ستؤدي بنا حتما إلى نهايات خاطئة ولن تعطينا إلا تضيع الوقت والجهد بينما نحن في أمس الحاجة إليهما في ظل الظروف المعقدة بالغة السوء التي تعاني منها مصر بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام.
إلى الذين يراهنون على التغيير من الخارج، أو على الطريقة الأمريكية أكتب هذه الكلمات سائلا الله أن يوفقني في إظهار الحقيقة لا غيرها، الحقيقة التي نأملها جميعا!!
كانت العسكرية المصرية تقوم بعملية بطولية في السادس من أكتوبر 1973م حاملة ً على عاتقها محو آثار الهزيمة النكراء في يونيو 1967م بينما كانت قيادتها السياسية متمثلة في الرئيس السابق أنور السادات تفتح قناة اتصال مباشرة مع "الصديق" هنري كسينجر وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي، وتؤكد الوثائق التي نشرت في كتاب السلاح والسياسة لمحمد حسنين هيكل وكتابي "سنوات القلاقل" و"الأزمة" لهنري كسينجر أن الرئيس السادات "تعهد" في رسالة لكسينجر صباح يوم 7 أكتوبر 1973م بأن القوات المصرية لن توسع جبهة القتال في سيناء ولن تعمل على زيادة عمقها وهذا الأمر بالطبع أعطى فرصة هائلة لإسرائيل أن تركز باطمئنان بالغ على الجبهة السورية بعد تأكدها من ضعف الخطر على الجبهة المصرية التي اكتفت قيادتها بالعبور وتنوي استكمال الأمر في مباحثات على الطاولة الأمريكية أو ربما من تحتها!!
كان بالفعل الرئيس السادات يسير وبأقصى سرعة نحو "أحضان أمريكا" وهو ما تجلى في فض الاشتباك الأول في 17 يناير 1974م وفض الاشتباك الثاني في الأول من سبتمبر 1975م وكانت النتائج والتنازلات مفزعة، فقد وافق الرئيس السادات وقتها على خفض القوات المصرية من 77 ألفا إلى 7 آلاف ومن ألف دبابة إلى 30 وهو الأمر الذي استدعى بكاء المشير الجمسي رئيس الأركان على التازلات التي يقدمها قائده العام في مقابل طلب الرضا الأمريكي!!
تمر الأحداث ويحاول الرئيس السادات بشتى الطرق الاقتراب أكثر فأكثر من "أحضان أمريكا" وإذ به يتخذ فجأة القرارات الشهيرة بإلغاء الدعم في يناير 1977م تنفيذا لسياسة تحرير الاقتصاد دون دراسة حقيقية للواقع المصري الاقتصادي والاجتماعي وقتها، وهو الأمر الذي استدعى انتفاضة شعبية في 18 و 19 يناير 1977م والتي فرضت على الرئيس الهارب وقتها في أسوان بالرجوع مجبرا عن تلك القرارات الخاصة بإلغاء الدعم، وشكلت تلك الانتفاضة لدى الرئيس السادات قناعة غير قابلة للنقاش بأنه لم يعد مقبولا شعبيا وعليه الاسراع بالارتكان وبشكل شبه كامل إلى "أحضان أمريكا"!!
ويروي الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه السلاح والسياسة أن الرئيس السادات طلب من "صديقه" هنري كسينجر أنه إذا أرادوا منه أن يقبل بمبادرة فعليهم أن يخبروه اياها ويطرحها هو بنفسه حتى لا يتهمه الشعب بالتبعية لأمريكا وهو ما تطابق مع "مبادرته" الشهيرة بالذهاب إلى آخر العالم .. الكنيست ذاته!!
ثم اقتربت المسرحية من الفصل الأخير في كامب ديفيد والتوقيع على إطارها العام في 17 سبتمبر 1978م ثم معاهدة السلام في 26 مارس 1979م ليتحول مناحم بيجين إلى "صديق" أيضا مثل هنري كسينجر!!
استكملت المعاهدة باقي التنازلات من أجل نيل الرضا الأمريكي فجرى نزع سلاح سيناء بشكل شبه كامل ومنع مصر من بناء أية مطارات أو موانئ حربية في أي بقعة منها ووضع 750 جندي حرس حدود فقط لا غير عند محور صلاح الدين في الحدود بيننا وبين إسرائيل وحين طالبت مصر رفعهم حديثا إلى 3500 جندي رفضت إسرائيل التي تمتلك بموجب المعاهدة الحق في القبول أو الرفض!!
أما الجوانب السياسية فهي واضحة وضوح الشمس من إلزام مصر الاعتراف الكامل بإسرائيل وأن تبيع لها البترول والغاز كما تسقط المعاهدة في مادتها السادسة من الوثيقة الرئيسية أي اتفاق آخر يتناقض مع المعاهدة وبالتالي تفقد مصر التزامها بمعاهدة الدفاع العربي المشترك وهو ما وضح في موقفها الصامت من الاجتياح الاسرائيلي لبيروت بعد ذلك في عام 1982م
ثم كانت النهاية الدرامية للرئيس أنور السادات في حادث المنصة عام 1981م بينما كانت مصر قد خرجت بشكل كامل من الصراع ومن دورها الإقليمي في المنطقة وارتمت بشكل كامل في "أحضان أمريكا" وهذا ما تسلمه الرئيس الجديد وقتها حسني مبارك!!
وللحديث بقية

السبت، 9 مايو 2009

شرعية الرئيس!!

شرعية الرئيس!!

ما حدث أمام مجلس الدولة يوم 4 مايو الماضي في عيد ميلاد رئيس الجمهورية له دلالات واضحة ولا يمكن أن يمر مرور الكرام، فمنذ الصباح الباكر انتشرت قوات الأمن بملابسها المدنية والعسكرية – مش حارمنا من حاجة – وفرضوا حصارا أمنيا كثيفا على مجلس الدولة من كل الجهات واحتلت فرق الكارتيه "ربنا يديها الصحة" سلم المجلس حيث كان المقرر تنظيم وقفة احتجاجية عليه أثناء عرض قضية تصدير الغاز لإسرائيل لنعبر عن رفضنا لهذه الصفقة التي تجرح كل مصري شريف في كرامته وفي نفس الوقت لنعلن بصوت واحد أن عيد ميلاد السيد الرئيس ليس يوما مقدسا كما يردد الكتبة الرسميون أو من يجب تسميتهم الوفد المنافق للسيد الرئيس!!
وكانت الصورة كالعادة سوداء – من كثرة رجال الأمن المركزي- والبلطجية الذين منعوا الكثير من النشطاء من الدخول إلى مجلس الدولة واعتقلوا العشرات منهم بل وصل الأمر إلى اعتقال الصحفيين والاعتداء عليهم بالضرب وهو ما حدث مع أسماء نصار الصحفية بجريدة الدستور التي قال لها رجال أمن الدولة – إن جاز وصفهم بالرجال- انت ايه اللي شغلك في الصحافة وكمان في جريدة معارضة!! وسهام شوادة الصحفية بالأهالي وهنا يتضح جليا مدى العجز والفشل والترهل الذي وصل إليه نظام مبارك فأصبح يحافظ على المظاهر الاحتفالية الساذجة والملفقة والتي لا يصدقها أحد عن طريق الاعتداء بالضرب على الفتيات والصحفيين الذين منعوا بالقوة من تصوير أي حدث من الأحداث الجلل الحادثة وحين حاول البعض التصوير خلسة اعتدوا عليه وصادروا كاميراتهم وتليفوناتهم المحمولة كما منع كل مراسلي الفضائيات من التغطية وتم تهديدهم بطريقة مباشرة بأن "اللي هايصور هناخد كاميرته ونكسرها!!"
الأمر الآخر الذي يمثل سابقة خطيرة وهو منع المحامين من دخول المجلس مثل ما حدث مع المحامي عصام سلطان الذي أثبت في محضر الجلسة أنه تعرض للإيقاف مدة 45 دقيقة من دخول المجلس وهو الأمر الغير مفهوم وغير مبرر والاعتداء والقسوة في التعامل مع المحامية وفاء المصري أثناء المظاهرة حين محاولتها منع البلطجية من ضرب الصحفية سهام شوادة فضلا عن اعتقال 20 ناشطا في هذا اليوم دون توجيه أي تهمة لهم واحتجازهم لمدة 18 ساعة في عربات الترحيلات دون أي مسوغ قانوني إلا أن الرئيس يود الاحتفال بعيد ميلاده من غير دوشه!!
كل ما سبق يأخذنا إلى نتيجة واحدة وهي أن النظام الذي لا يستند إلى أي قاعدة شعبية معبرة عنه ويحافظ فقط على هيبته من خلال عصا الأمن المركزي هو نظام فاقد لأي شرعية وأيامه معدودة ولم يعد ينفع التلميح والكلام المائع حين الحديث عن الرئيس شخصيا الذي يتحمل كل ما تتعرض له البلاد الآن من خراب وانهيار ثقافي واقتصادي وسياسي وهو ما انعكس على احتجاجات الفئات المختلفة التي لم تعد تتمكن من توفير المتطلبات الأساسية لحياة الأنسان ووجوده وهي المأكل والملبس والمسكن وأما فيما يخص الأمن القومي فإن وجود هذا النظام في حد ذاته هو أكبر تهديد للأمن القومي وموقف النظام في أزمة غزة لهو خير دليل على ما أقول انني لا أجد تعبيرا أبلغ مما قاله الشاعر الكبير عبد الرحمن يوسف حين قال :"يا من لعرضي هتك .. فقدت شرعيتك"
نعم فقد الرئيس كل شرعية والتغير هو الحل والعصيان المدني هو طريق التغير خلص الكلام!!